الشرق الأوسط يحتاج لحوار بين قومياته للخروج من أزماته

علق عدد كبير من المثقفين والسياسيين والأكاديميين على الطرح الذي قدمه المفكر العراقي عبد الحسين شعبان عن استفادة منطقة الشرق الأوسط من تجربة صلح وستفاليا.

تتابع وكالة فرات للأنباء مداخلات الحضور في الندوة التي عقدها مركز آتون للدراسات بعنوان "نحو وستفاليا مشرقية" والتي ناقشت الحاجة إلى حوار وتسويات دينية ومذهبية وقومية في منطقة الشرق الأوسط خاصة بين القوميات الأربع الرئيسية العرب والكرد والفرس والترك.

و تمحورت فكرة الندوة التي قدمها المفكر عبد الحسين شعبان حول حاجة منطقة الشرق الأوسط إلى أخذ الدروس من "صلح وستفاليا" الذي أبرم عام 1648 في أوروبا والذي أنهى الحروب الدينية وأسس لمرحلة جديدة تقوم على الاعتراف المتبادل واحترام السيادة والحوار.

لا يتوفر وصف.

بدأت المداخلات من المفكر علي شوشان، عضو القيادة المركزية في الحزب الشيوعي المصري، الذي قال إنه يجب أن نوصف المشكلة والحل، والمشكلة هي التعالي والعنصرية والتمييز بين كل الأطراف، والحل هو العلمانية والإنسانية والاشتراكية، مبيناً أنه عندما نتحدث عن القوميات والشعوب الأصغر في دول المنطقة ومنها شمال أفريقيا يوجد النوبيين والأمازيغ وهي قوميات منتشرة في شمال أفريقيا، ويوجد لغات وأديان فعلى سبيل المثال يوجد في السودان وثنيين لا ينتمون إلى المسيحية ولا إلى الإسلام.

وأضاف شوشان في مداخلته، أنه نحن قابلين التفكك إلا عندما نصبح علمانيين، مستشهداً بأستاذه في السياسة شحاتة هارون والذي كان يقول إنه لا أريد قبول ولا تسامح لأنه لا أحد مخولا أن يكون من حقه أن يقبله أو لا يقبله، ولا يتسامح معه لأنه لم يرتكب جرم لكي يسامحه، فيجب وجود قبول أكثر من ذلك، ويؤخذ هذا في العلاقات الإنسانية بشكل مباشر، ويؤكد على أهمية العلاقات الاجتماعية بين مكونات الشعوب.

ثم انتقلت الكلمة بعد ذلك إلى الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمنهور، وقد ذكر أنه لفت نظره أن وستفاليا كانت معاهدة لتوزيع الثروات، وتمكين الأنظمة الرأسمالية سواء من الجناح الكاثوليكي او البروتستانتي ممن وضع يديه على شيء من تلك الثروات فأقرت هذا الواقع، مشيراً إلى أن وستفاليا ليست مبادرة سلام بل هي اتفاقية لإقرار الوضع الراهن وتقاسم الثروات، مثل جتسبيرج عندما قال كل شيء سيكون في الشرق ملك إسبانيا وكل شيء في الغرب سيكون للبرتغال.

وأضاف خلال مداخلته، أن وستفاليا كانت رد الفعل على الحروب الصليبية، وذلك حين فشلت اوروبا ان تستحوذ على ثروات الشرق وسقطت الأندلس وباسم الدين بدأت حركة الكشوف الجغرافية وباسم الإصلاح الديني حدث صراع ما بين الجناح الكاثوليكي والجناح البروستانتي، هنا وستفاليا أقرت أوضاع ظالمة، لكنها لم تقر أوضاع إيجابية، حيث كنت نظرية توزيع القوى التي وضعتها وستفاليا مختلفة عن نظرية القوى التي وضعتها فيينا 1815 تعني التغيير عندما ظهر بسمارك أقام توازن القوى على المثلثات أي التحالفات كل دول تتحالف مع بعضها ولما تناقضت المصالح بين المثلثات أو التحالفات الأوروبية حدثت الحرب العالمية الأولى.

 واتفق "الإمام" مع المفكر عبد الحسين شعبان أن الهلال الشيعي والهلال السني هي صناعة برنارد لويس عندما كان في المخابرات البريطانية كان لويس في الحرب العالمية الثانية انتقل حيث وضع قاعدة للسيطرة على الشرق الأوسط عبر إسقاط ثلاث عواصم هي بغداد ودمشق والقاهرة، حيث كان مكتبه ملاصق للرئيس الأمريكي.

 وتطرق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إلى وضع المسيحيين في الشرق، لأنه بعد دراسة تاريخ الدولة العثمانية لاحظ أن عدد المسيحيين في الدولة العثمانية أكبر من عدد المسلمين، لأنه كان هناك ولايات كبيرة مسيحية ولأن المسيحيين لا يدخلون الجيش فكانوا لا يتعرضون للموت، ولذلك كان نسبة المسلمين تقل وهذه المسالة تمت معالجتها مع ظهور حركة تركيا الفتاة، والتي أقرت دخول المسيحيين إلى الجيش.

وانتقلت الكلمة إلى الدكتورة سحر حسن أحمد الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر بمركز تاريخ مصر الحديث والمعاصر بدار الوثائق المصرية، حيث أكدت إن مخطط برنارد لويس هو مشروع معروف منذ زمن طويل حيث تم التخطيط له عام ١٩٨٠ وبدأ تنفيذه مع الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣.

وأضافت "حسن" في مداخلتها، أن المشكلة ليس وجود المخطط وإنما هو مواجهة هذا المخطط ولا سيما أنه يتم تنفيذه بأيادي من داخل أبناء المنطقة العربية ومن داخل تلك الدول التي استهدفها برنارد لويس في مخططه.

وانتقلت الكلمة إلى ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، والتي ذكرت أن منطقة الشرق الأوسط في وضع صعب لأننا على أبواب حرب عالمية ثالثة، مبينة أن الحديث يدور حول ن ما قدمته الحرب العالمية الأولى والثانية والعالم يعيش حرب عالمية ثالثة، وفي نفس الوقت نتحدث عن شعوب مغيبة بشكل تام عما يحدث في المنطقة.

 وتطرقت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، في مداخلتها إلى الحوار وفكرة قبول الآخر، مبينة أنها قضايا عندما تبدأ النقاش حولها يظهر الموروث الثقافي ويشكل حائل أمام أي حوار حقيقي يفضي إلى عملية تشاركية حقيقية في الإدارة للمجتمعات وهذه نقطة إشكالية يجب التركيز عليها.

كما انتقدت ليلى موسى دور المجتمع المدني، مشيرة إلى أنه أساس الحالة الصحية الجيدة للمجتمعات، ولكن دور المجتمع المدني اليوم في ظل الرأسمالية العالمية ناله ما يعاني منه الكثير من المؤسسات، حيث فرغت من مضمونها الأساسي والكثير من المصطلحات حرفت عن محتواها الأساسي، وبالتالي أصبحت تؤدي وظيفة ثانية غير الذي قامت من أجلها.

وانتقلت الكلمة إلى أحمد شيخو، الباحث والكاتب الكردي، الذي ذكر أن المفكر عبد الحسين شعبان كان من الرعيل الأول الذي كان له فعالية مؤثرة في المؤتمرات والحوارات الكردية العربية الأول في لندن والأردن القاهرة، مبيناً أن الحل هو بالتعايش السلمي وفق منظور الأمة الديمقراطية  واشار إلى أهمية تجديد التفكير الديني بالإضافة إلى تطوير المدرسة القومية، وذلك لأن المدرسة القومية في مصر وشمال أفريقيا هي أكثر مرونة واستطاعت أن تستوعب القوميات الأخرى أو الأقل تصنع جو من التلاقح الثقافي على عكس من المدرسية القومية في العراق وسوريا وهو ما جعل الإشكاليات في العراق وسوريا أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه حالياً، حيث أصبحت الحدود القومية عنيفة جداً ووصلت إلى المراحل الشوفينية.

وأضاف "شيخو"، أن الحل هو الحل الديمقراطي ضمن سياق المواطنة والإدارة الذاتية وضمن سياق التشارك والقضايا بشكل عام في المنطقة هي قضايا متشابهة وتعاني المنطقة من الثقافة الأحادية سواء الأحادية الدينية أو الأحادية القومية أو الأحادية الذكورية تجاه المرأة، مشيراً إلى أنه إذا وصلنا إلى التعايش والتعدد وخلق نظام سياسي قادر على استيعاب التعدد والتنوع، نكون قد وضعنا أقدامنا في الطريق الصحيح.

وأشار الكاتب والباحث الكردي إلى أنه توجد قضيتين رئيسيتين في العالم العربي أولهما هو غياب الديمقراطية في المنطقة والثانية هي التدخلات الخارجية سواء الدولية أو الإقليمية.

ثم انتقلت الكلمة إلى الكاتبة الصحفية فاتن صبحي، حيث ذكرت أنه في كل دول المنطقة يوجد فيها أقليات، مشيرة إلى أن أبرز أقلية هي أقلية المرأة والتي دائماً ما تفقد حقوقها في ظل المجتمع الذكوري في الوطن العربي.

لا يتوفر وصف.

واستعرضت فاتن صبحي عدد من المظالم الواقعة على المرأة في الشرق الأوسط، مبينة أن الرجال من يحاربون وهي من تدفع الفاتورة، كما أن المرأة في الشرق تواجه كافة أنواع التمييز ضدها في العمل في كافة المؤسسات ويتم المحاباة ضدها لصالح المجتمع الذكوري.

بينما تساءلت حنان جاد نائب رئيس تحرير الأهرام، عن الواقع الحالي الذي يحدث في الوطن العربي والأراضي الفلسطينية خاصة ومن انتصر ومن انهزم وهل هو هزيمة كاملة أم جزء من هزيمة، مؤكدة أن الأوضاع صعبة في المنطقة العربية.